حقيقة اختراع الكهرباء
عند طرح سؤال مثل: (من اخترع الكهرباء)، للإجابة على هذا السؤال علينا أن نوضح أن الكهرباء لم يتم اختراعها، بل تم اكتشافها، وهو شكل من أشكال الطاقة استغرق الإنسان وقتًا طويلاً لاكتشافه في الطبيعة، القصة الحقيقية لاكتشاف الكهرباء هي قصة معقدة، يبدأ الفصل الأول منه حوالي عام 600 قبل الميلاد لم يكن شخصًا واحدًا فقط هو الذي اكتشف الكهرباء، بل مساهمات العديد من الأشخاص العظماء، مما سمح لنا بالاستمتاع بكل الكماليات التي تجلبها الكهرباء اليوم.
من هم المساهمون في اكتشاف الكهرباء؟
الفيلسوف اليوناني طاليس المالطي
اكتشفت البشرية وجود الكهرباء لأول مرة في القرن الخامس قبل الميلاد، كان هذا زمن الحضارة اليونانية التي لاحظت أن الكهرمان ينجذب إلى الأجسام الخفيفة عندما تتلامس مع الصوف، وقد ظلت هذه الظاهرة محل اهتمام الباحثين والعلماء حتى ظهور الفيلسوف اليوناني طاليس المالطي المعروف كأحد الحكماء السبعة الأسطوريين، ويعتبر أول من درس الكهرباء وقدم شرحا واضحا للكهرباء من خلال تجربته في فرك حجر الكهرمان بالفراء، مشيرا إلى قدرة حجر الكهرمان على جذب الريش والغبار وغيرها من المواد خفيفة الوزن، وأطلق عليها اسم " كهرباء" تعتبر المادة الراتنجية الكهرمانية والتي تعني الكهرباء باللغة اليونانية، وتعتبر أول تجربة مع الكهرباء الأستاتيكية.
ويليام جيلبرت والعلماء بعد عام 1600م
يرتبط تاريخ اختراع الكهرباء بالعالم والفيزيائي ويليام جيلبرت الذي كان طبيب الملكة إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا، ولم يكن يُعرف في السابق شيء عن الكهرباء إلا من خلال المعلومات التي تم الحصول عليها من أحجار المغناطيس، أو ما يسمى بالماجنتيت، والتي تمتلك خصائص مغناطيسية، وأن فرك الكهرمان يؤدي إلى التصاق بعض المواد به، أثار جيلبرت موضوع الكهرباء في أطروحته المكتوبة باللاتينية، يلخص العالم في هذا الكتاب تجاربه وأبحاثه المتعلقة بالمغناطيسية والكهرباء، اخترع العالم جيلبرت، المعروف باسم "أبو الكهرباء الحديثة"، كلمة "Electricus"، وهي مرادف للكلمة اللاتينية "الكهرمان"، لوصف القوى التي تحدث عندما تحتك المواد ببعضها البعض، ظهرت كلمة "الكهرباء" لأول مرة بعد بضعة قرون، عندما استخدمها العالم البريطاني توماس براون في كتاب ألفه بعد دراسة بحث جيلبرت.
ومن العلماء الآخرين الذين ساهموا في تطوير الكهرباء خلال هذه الفترة:
- العالم أوتو فون غيريكه (بالألمانية: Otto von Guericke) الذي اخترع آلة لتوليد الكهرباء الساكنة عام 1660م.
- اخترع العالم فرانسيس هوكسبي مولد إلكتروستاتيكي محسن.
- العالم روبرت بويل: (بالإنجليزية: Robert Boyle) اكتشف وجود قوى التنافر والتجاذب، واكتشف أن التيار الكهربائي ينتشر في الفراغ.
- العالم ستيفن جراي: (بالإنجليزية: Stephen Gray) أجرى العديد من التجارب التي تثبت وجود مواد موصلة وأخرى غير موصلة.
- العالم تشارلز دو فاي: (بالفرنسية: Charles F du Fay) ميز بين نوعين من الكهرباء مما مهد الطريق فيما بعد إلى ظهور مفهومي الشحنات الموجبة والسالبة الذي اقترحه بنجامين فرانكلين والعالم (إبنيزر كينرسلي) ).
- العالم بيتر فان موشنبروك: (بالهولندية: Pieter van Musschenbroek) اخترع جرة ليدن عام 1745م، وهي عبارة عن قارورة لتخزين وتكثيف الكهرباء الساكنة.
- العالم ويليام واتسون: (بالإنجليزية: William Watson) تمكن من إطلاق الكهرباء الساكنة من جرة ليدن.
- تمكن العالم هنري كافنديش من دراسة التوصيل الكهربائي للمواد.
- العالم شارل دي كولوم: اكتشف قانون الجذب بين الجسيمات المشحونة.
اخترع العالم الأمريكي بنجامين فرانكلين مفاهيم الكهرباء الإيجابية والسلبية على أساس التجاذب أو التنافر الناتج عن الأجسام المشحونة ونتيجة لذلك، تمكن من فصل الشحنات الكهربائية إلى شحنات موجبة وسالبة، وفي عام 1752م أجرى تجربته الشهيرة باستخدام طائرة ورقية ومفتاح مربوط بالطائرة الورقية أثناء عاصفة رعدية، تمكن خلالها من إثبات أن هناك علاقة بين البرق والكهرباء، ومن ثم نشأ الاهتمام بالتيار الكهربائي، عندما لاحظ العالم لويجي جالفاني (بالإيطالية: Luigi Galvani) أرجل الضفدع عام 1786م، اعتقد خطأً أن أرجل الضفدع ستولد كهرباء ساكنة عند تحركه نتيجة تفريغ كهربائي، لكن العالم أليساندرو فولتا رأى خلاف ذلك واخترع أول جهاز لتوليد تيار كهربائي ثابت من البطارية، كدليل على أن التيار الكهربائي يتم إنتاجه كيميائيا.
ومن العلماء الآخرين الذين ساهموا في تطوير الكهرباء خلال هذه الفترة واستفادوا من اكتشاف فولتا:
- المخترع والكيميائي البريطاني همفري ديفي: في عام 1802م، أنشأ نظامًا للطاقة عن طريق توصيلالكوام الفولتية بأقطاب الفحم، وأسماه "المصباح الكهربائي" وأ مصباح القوس؛ ويرجع ذلك إلى ضوء القوس الساطع المنبعث بين قضيبي الكربون.
- العالم جورج سيمون أوم: (الألمانية: Georg Ohm) مهد فولت الطريق لهذا العالم لخلق العلاقة بين الجهد والتيار والمقاومة في الدوائر الكهربائية (المعروفة الآن بقانون أوم).
- جيمس بريسكوت جول: (بالإنجليزية: James Prescott Joule)، مكتشف قانون التسخين الكهربائي.
- العالم غوستاف روبرت كيرشوف: (الألمانية: Gustav Robert Kirchhoff) صاغ قوانين تجميع التيار والجهد، وهي قوانين أساسية للدوائر الحاسوبية.
توماس إديسون واختراع المصباح الكهربائي المتوهج
اكتشف العالم هانز كريستيان أورستد عام 1819م أنه إذا مرر تيار كهربائي عبر سلك، فإنه يخلق مجالًا مغناطيسيًا حول السلك، استفاد العالم الفرنسي أندريه ماري أمبير (بالفرنسية: André Marie Ampère) من إنجازات أورستد، ففي عام 1873 تمكن من وضع العديد من القوانين الكهرومغناطيسية، كما اخترع العالم فرانسوا أراغو المغناطيس الكهربائي، ثم جاء العالم مايكل فاراداي (بالصينية: مايكل فاراداي) وهو أول من تمكن من ذلك اختراعه للأجهزة الكهرومغناطيسية عن طريق تمرير التيار الكهربائي عبر الأسلاك مهد الطريق لظهور تكنولوجيا الدينامو، واعتمد العالم هيبوليت بيكسي على نموذج فاراداي لإنشاء مولد كهربائي يعمل باليد، والذي فتح الباب لاختراع المصابيح المتوهجة على يد العالم الأمريكي توماس إديسون (بالإنجليزية: Thomas Edison) والعالم البريطاني جوزيف سوان (بالإنجليزية: Joseph Swan) حوالي عام 1878م، ولاحقاً أنشأ كل منهما مشروعاً مشتركاً لإنتاج أول مولد كهربائي مصباح متوهج وأشعل أول إنارة كهربائية في نيويورك في سبتمبر 1882م.
اكتشف إديسون المصباح الكهربائي والإضاءة منخفضة التكلفة وعالية الجودة، والتي وضعت حجر الأساس في صناعة الطاقة الكهربائية وبناء محطات توليد الطاقة، حيث استخدم العالم الكرواتي نيكولا تيسلا التيار المتردد (AC)؛ من أجل نقل الكهرباء لمسافات طويلة، وأصبح التيار المتردد هو التيار الشائع حول العالم، واستخدمه فيما بعد جورج وستنجهاوس قامت شركته بتسويق نظام التيار المتردد وفي عام 1883 م قامت ببناء محطة للطاقة الكهرومائية (شلالات نياجرا) تم من خلالها توليد كهرباء منخفضة التكلفة وأكثر كفاءة ثم بعد ذلك صمم غوستاف دي لافال وفي نهاية القرن التاسع عشر محرك بخاري يستخرج الطاقة الحرارية من البخار المضغوط وحوّلته إلى حركة دورانية وعُرف هذا الاكتشاف باسم "المحرك التوربيني" لأنه ساهم بشكل كبير في تحريك عجلات التكنولوجيا، وقد اخترع أول مولد توربيني على يد المهندس البريطاني تشارلز بارسونز عام 1884م لما له من قوة توليد بلغت 7.5 كيلووات فقط، وكفاءة التحويل كان منخفضا إلى حد ما، واستمر في تطوير اختراعه واستطاع أن يخترع أول توربين تكثيف، كما قام ببناء أول محطة كهرباء عام 1900م، بقدرة 1 ميجاوات، واستمر تشغيل التوربينات بالبخار، مما أدى إلى توليد معظم الكهرباء المنتجة حول العالم.
تعليقات: 0
إرسال تعليق